المراقب لما يدورامام ووراء كواليس تصريحات
الساسة الأتراك ، يجد وكأن تركيا تجهز نفسها لخوض حرب ضروس ضد شعب كوردستان ...
كل مسؤول فيها ( كأنما خر من السماء فتخطفه الطير) ... تسابق وصراع، مثنی وثلاث
ورباع... غباء لا يهش ولا ينش... تراهم سكاری "وما هم بسكاری"... رحلات خاطفة،
قلوب واجفة واعصاب راجفة... اليوم في واشنطن، وغدا في دمشق، وبعده في لندن ثم
في موسكو... لم هذهالصعدة وتلك النزلة، هل وقعت بهم نازلة ام ستقع آجلة أم
عاجلة..؟...كيف لا..! هناك متمردون من أبناء يأجوج ومأجوج في شمال العراق {
جنوب كوردستان } يريدون أن تكون رؤوسهم رافعة ونريدها خاضعة خاشعة... إرهابيون
يجب أن نقضي عليهم كقضاء أمريكا علی هيروشيما و الطاليبان وصدام... وإلا جاء
الكورد بقضهم وقضيضهم للقضاء علی عروشنا ورؤوسنا وصروحنا وديمقراطيتنا التي
بنيناها باييد " وإنا لموسعون.."! وفي كل مرة يطفئون نارا، تشتعل أخری " تيتي
تيتي، زي ما رحتي، زي ما جيتي".
انني لن أتصدی هنا إلی أطماع تركيا التوسعية التي
ورثتها من غرور السلطنة العثمانية والتی تتركز اليوم في القضاء بالدرجة الاولی
علی التجربة الكوردستانية باي ثمن وتحت غطاء مكافحة الحزب العمالي الكوردستاني...
وغزو العثمانيين كان إمتدادا لغزو السلجوقيين و لأطماع دنيوية وليست دينية...
الدين إنطلق من الجزيرة العربية ولم يكن المسلمون بحاجة إلی إسلام {مسلجق} او{معثمن}
من آسيا الوسطی، وكان عندنا الاسلام الطازج وعليه ماركة مسجلة... فتركيا هي
الحلقة الكمالية لذلك الإستعمار القديم... وحرب تركيا اليوم ضد الكورد هي
امتداد لتعالي العثمانيين علی بقية الأقوام، ولكن القياس مع فارق..!
ليست هناك دولة من دول العالم أو منظمة إنسانية
دولية أو شعبية... وليس ثمة شعب متحضر في العالم، ليس لديه إطلاع علی ممارسات
الدولة التركية بشقيها الرسمي والعسكري لسحق الكورد، ولا يوجد شعب في المنطقة
الاسلامية يعامل شعبه بمثل معاملة الترك للكورد، وليس هناك شعب مهمل من طرف
الدولة وعن قصد ووفق برنامج، مثل الكورد... طوال أكثر من ثمانين سنة والكورد
يعاني ويشتكي ويطالب، من دون أن تكون هناك آذان صاغية، حتی لمرة واحدة " واذا
كان خصمك القاضي، مين تقاضي ؟
منذ أزمة هابيل
وقابيل، البشر يتقاتلون، ولكن أيضا يتصالحون... شعوب ذبحت بعضها البعض، ثم
تصالحت...الشعب الواحد تقاتلوا فيما بينهم، ولكن فكروا في المصالحة أيضا... فی
القرن الماضي طحنت حربين عالميتين أرواح عشرات الملايين من البشر، ولكن أصغت
الدول إلی صوت العقل وانتهت واعتبرت الشعوب من أخطاءها وبلاهتها وحماقتها،
وانتصرت علی وحشيتها، فبنت حضارة... إلا تركيا، وكأنها طلقت الكورد طلاقا بائنا
لا رجعة فيه أبدا... ومن ثم تعتبر نفسها جديرة بأن تسكن مع الأورپيين في باحة
وواحة واحدة ..! بعد كل هذا تسمي الخارجين والرافضين لسياستها الفاشية النازية
تارة بالمخربين وتارة بالارهابيين واخری بالانفصاليين..! مع كل ما عندهم من دول
وسلطان " يحسدون الاعمی علی كبر عيونه " ..!
ثمة وعلی مر التأريخ وجدت ف
سح
قانونية دولية وانسانية وكذلك رسالات سماوية جاءت بالنصوص والبنود لايقاف
القتال وتوقيع الهدنة واجراء التفاوض والمباحثات للتوصل إلی سبل السلام وحقن
الدماء والتوجه إلی البناء بدل الهدم... لكي لا نذهب بعيدا، فان الحرب التركية
اليونانية{ والكورد شكلوا جزأ من المشاة في الجيش التركي! } خلفت الكثير من الضحايا
والاضرار المادية والمعنوية من الطرفين، مع ذلك تفاوضت تركيا مع الجانب
اليوناني مئات المرات... لم لا تجلس مع الكورد مرة واحدة وهم أبناوءها
والأقربون إليها أرضا، دما، تأريخا، وجغرافية ودينا ؟.. إذا لم يكن ثمة حقد
عنصري اسود غارق في السواد تجاه الكورد !...
بعد أكثر من 30 عاما من أعما
ل
العنف، وبعد مفاوضات واتفاقات والتزامات وخروقات، رحبت بريطانيا أخيرا باعلان
الجيش الجمهوري الايرلندي التخلي عن الكفاح المسلح ضد بريطانيا، واعتبرت هذا
الاعلان كخطوة لانعاش محادثات السلام التي تصدعت لمرات عديدة... وقد تزامن هذا
الترحيب رفض أردوغان كل مرونة مع الكورد وهو في بريطانيا العظمی، وكأن الجيش
الجمهوري الايرلندي كانوا رسل سلام لكي يرحب بقرارهم بلير بنظره..!
انا لست بصدد الدفاع عن هذا الطرف اورفض ذاك،
ولكن بمجرد سرد التأريخ، يظهر لكل مهتم بالنزاع الكوردي ـ التركي أن الطرف
الكوردي في شمال كوردستان حتی وهم في أوج قوتهم كانوا دائما داعين لاجراء
الحوار ومعلنين وقف القتال بحسن نية ومن طرف واحد. وبعد أن اعتقل زعيمهم بابشع
صورة واكبر خيانة دولية، أرسلوا رسلا ورسولات السلام بالورود، إظهارا لحسن
النية وحبا في الوئام، ولكن ماكان جواب الترك إلا أن زج الكل رجالا ونساء في
غياهب السجن وهم قابعون فيها لغاية اليوم..!
السيد طيب رجب أردوغان ذو الماضي الديني، كان من
طلائع شبيبة حزب السلامة { اكنجيلار} قد دخل السجن لعدة سنوات دافعا ضريبة
إلقاء قصيدة اسلامية حماسية في أحد مساجد أناضول والتي أذكر منها : إن المآذن
رماحنا... وقبة المسجد خوذتنا ... تفاءلنا بمجيئه لسدة الحكم قليلا، وقلنا لعله
يتحاشی علی الأقل وزر إراقة الدماء لخلفيته، لأن لا شئ في الدين مذموم مثل
إزهاق روح بغير حق... وإذا به اليوم يتحول في بريطانيا إلی { رينگو } لا يقل
صرامة وتعنتا عن رفاقه العسكر في رفض كل حل دون الغزو العسكري واستعمال السلاح
وسفك الدماء... حينما رأيت أردوغان يرعد ويزبد ويهدد الكورد بالسحق إلی الأبد،
تذكرت من دون إرادة مني المثل الشائع بين بني قومنا الكورد الفيليين " كنا
ننتظر الخير من بلقاسم، لكن طلع سني !"
وعندما أنهی أردوغان تصريحات
ه
التي تضمنت الفعل " ماضيا " و"حاضرا" و" مستقبلا " قائلا :" إذا تعرض بلد أو
إذا تعرض شعب أو إذا تعرضت امة للتهديد، فان ذلك البلد يمكنه القيام بما هو
ضروري بمقتضی القانون الدولي... وسنمارس ذلك الحق بنفس الطريقة التي قد
تتبعها او ستتبعها او اتبعتها أية دولة أخری " قلت في نفسي لعله
يقصد تقليد أمريكا في الماضي عندما ضربت اليابان بالقنبلة الذرية وتحولت بعدئذ
إلی أرقی البلدان الصناعية في العالم..! لم لا، خاصة لأن الكورد في تركيا
جاوزالحد المعقول في نيل الحقوق..! ألست معي أخي القارئ ؟