Download Kurdish Fonts : Ali-Web - Ali-K-Alwand - Ali-K-Sahifa -Unikurd

HOME

مقالة محسن جوامير حول الشيخ الصميدعي و رد الاخير

الشيخ محمود الصميدعي والتهافت السياسي
محسن جوامير ـ كاتب كوردستاني

mohsinjwamir@hotmail.com

 

الشيخ محمود الصميدعي امام مسجد (ام القری) ببغداد والحليف المذهبي للكورد، هاجم في خطبة الجمعة فكرة الفيدرالية محذرا اهل السنة من انهم يعيشون معركة ضارية يراد من خلالها ان يطمسوا هوية البلد ، موضحا ان " الاصوات التي تتعالی بالفيدراليات هي ليست اصوات الاوفياء لهذا البلد، فالاوفياء والاصلاء يريدون ان يكون هذا البلد واحدا " وفي اشارة إلی المطالبة الكوردية تفضل قائلا " انه‌ لا يمكن أن تأخذ بايدينا ثلة قليلة لا تخدم إلا مصالحها "...

قد يندهش بعض الكورد او يذهل عقلاء العرب من اقوال وتصريحات فضيلة الشيخ الصميدعي من علی منبر خطبة يوم االجمعة في بغداد، وهو يهاجم علنا او ضمنا واقعا كوردستانيا موجودا ينعم فيه الكورد ومنذ 14 عاما باستقلاله وحريته ـ برغم النواقص والثغرات ـ والشيخ يريد أن ينال منهما بذريعة ان ذلك يؤدي الی التجزئة... في وقت يبدي هذا الشعب بممثليه‌ في بغداد، استعداده‌ لبناء جسورمتينة مع الجزء الذي طالما اضطهده‌ واباد نسله‌‌‌ وجعل أيامه واعوامه نحسات وأذاقه عذاب الهون والحريق... ولكن علی اسس ومبادئ موثقة قانونا وشرعا، لكي لا تتكرر المأساة وتعود الويلات في ظل من " اتخد إلهه هواه‌ " وتشريعات " أنا ربكم الأعلی "..!

إن الشيخ الصميدعي يظن انه‌ في دفاعه‌ المستميت عن وحدة ارض العراق، إنما يحارب ويناهض الاستعمار... في حين هو يدري ان هذا البلد اسسه الاستعمار، ومصطنع في غرفة عمليات سايكس بيكو1916 وليس مذكورا او مسجلا في الكتب المقدسة ولا في الصحاح الستة، وان معاهدة لوزان 1923 التي تمر ذكراها الاليمة هذه‌ الايام علی الكورد هي التي نقضت معاهدة سيفر1920 التي كادت ان تصبح حقيقة واقعة لولا المصالح الاستعمارية التي يحاربها الصميدعي، وكذلك لولا أتاتورك الذي قد يعاتبه لانه هدم الخلافة ... لماذا إذن حدود هذه الكيانات محللة و مقدسة له، ولكن ان يطالب الكورد بكيان داخل كيان وفي إطار حدود لا تمس ولا تجزأ يعتبر" معركة ضارية " ..؟ مع العلم أن أرض الكورد الصقت او فصلت بقامات بلاد لا تناسبها لا في الطول ولا في العرض، بلاد أثبتت من خلال تعاملها مع الكورد أن شجرتها " تخرج في أصل الجحيم، طلعها كأنه رؤوس الشياطين" وما حلبجة والانفال وكركوك واخواتها إلا شهادات للشاهدين . فهل كتب عليه‌ ان يتجرع " بئس الشراب " ويعاني من " ساءت مرتفقا " بذريعة عدم المس بحدود دولة جهنم التي إن استغاث الكورد فيها " يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه‌" ؟ ألا بعدا لتلكم الدعوات المتهرئة إن كانت علی حساب مستقبل وحرية وكرامة الكورد..!

منذ قرن والكورد يعاني من ظلم اخوته في الدين والتاريخ ... هذا الاخ في أنقرة يمنعه‌ من لغته‌ ويقطع لسانه‌ ويسميه" ترك الجبل " اي الانسان الوحشي ، وذاك في بغداد يضربه بالكيمياوي ويعدل فقط في وأد الرجال والنساء، والثالث في طهران يقول له‌ هل تريد الاسلام او الحكم الذاتي ؟، والاخ الرابع يقول له انت مهاجر و لست من هذا البلد، لذا لا يحق لك إلا ان تكون حمالا او صباغا لاحذية الاخ الاكبر في حلب أو دمشق..!

لقد خبر الكورد كل انواع الاسلاميين واشكال العلمانيين، واحسن الظن بالكل اجمعين، وتفاءل خيرا بالعلمانيين والاسلاميين، واذا به يتهم بخيانة الوطن وتجزأته تارة و بشق وحدة المسلمين تارة اخری... وبعد مخاض طويل عرف الكورد أن لا خطأ في الدين ولا خطل في العلمانية، وانما في النفوس الشرقية التي تری في تأخر وموت الشقيق حياة لها، علی عكس الغربيين الذين استفادوا من تراثنا واعتبروا من بلاهتنا، فبنوا حضارتهم، ودمرنا ماعندنا بايدي حكامنا وتزلف عوامنا ودعاء علماءنا، ورحم الله الشاعر الذي صدق في وصفه للحال:

القمع اساس الملك

شنق الانسان أساس الملك

حكم البوليس اساس الملك

تأليه‌ الشخص اساس الملك

تجديد البيعة للحكام اساس الملك

"وضع الكلمات علی الخازوق

اساس الملك..."

طبله..طبله‌..

لو قدر للشيخ الصميدعي أن يزور بعض بلدان اوروپا ومكث مدة لدراسة الانظمة الادارية والسياسية، ورأی التناسق العجيب بين المركز والمناطق والاقاليم ـ حسب رغبة الشعب ـ لما لعن الفيدرالية ابدا وما اعتبرها مؤامرة قطعا...لو سنحت الفرصة وزار الشيخ دولة لادينية مثل السويد، لوجدها كيف تضع ليلها علی نهارها لتحافظ كل (ثلةـ طائفة او جماعة) من الثلل علی لغتها ودينها وحضارتها ومسجدها ومعابدها ومصالحها، ومنها الكورد، من دون ان تستكثر عليهم اوتمن،او تخشی من وحدة أراضيها او شعبها، او ان يخطر علی بال احد مسؤوليها ما ورد علی لسان الصميدعي في خطبة الجمعة بحق الكورد ومطلبهم الفيدرالي " لا يمكن أن تأخذ بايدينا ثلة قليلة لا تخدم إلا مصالحها "... لاجرم أن الحكومة السويدية كانت تسقط، لوقالت ما قاله الشيخ الكريم الذي لا اشك أنه قرأ آلاف المرات الآية الكريمة " ومن آياته خلق السموات والارض واختلاف ألسنتكم وألوانكم " و " جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا.."... ولا يخفی علی أحد أنه عند نزول هاتين الآيتين الكريمتين علی سيد البشر، كانت السويد في أحلك عصورها وكاد الانسان أن يأكل لحم أخيه ميتا، واليوم وبعد اكثرمن 14 قرنا من نزولهما غلبونا في كل شئ، في الانسانية، في الصدق، في الوفاء بالعهد والوعد، في الضمان الاجتماعي والعدالة في كل شئ... اما نحن المسلمين، فمازال النقاش الفقهي جاريا بين علماءنا فيما لو اجاد شخص غير عربي التحدث بالعربية وتكلم بغيرها، هل يعد منافقا ام لا..؟!

الفيدرالية علم لا يوجد في كتب الوعظ والارشاد، ولا يجوز عقلا وسياسة ومنطقا وحضارة أن يلقی علی الصامتين الساكتين المتأملين في المسجد في حال" ومن لغی فلا جمعة له‌" كما فعل الشيخ الصميدعي... إنما هي للبحث والمناقشة والمحاججة والمماحكة ودراسة أوجه التطبيق... ثم لماذا يمكن تطبيق الفيدرالية في الغرب ولا يمكن ذلك في الشرق... واذا كانت الفيدرالية تشم منها رائحة الكفر والالحاد وهي ليست كذلك ولا علاقة بهما البتة، فما اجمل " الولاية " من اسم وكان معمولا بها في التاريخ الاسلامي، ولتكن هناك " ولاية كوردستان" ، ولا أظن ان احدا من قادة الكورد او فردا يعارض هذه‌ التسمية. ولعله‌ يكون من المفارقات هنا أن يرفض الصميدعي نظام الولايات ـ ولا أستبعد ذلك لانه يخص الكورد ـ مثلما يرفض نظام الفيدرالية، إن كان يعتبر الاخيرة من المستوردات..!

اذا حكم الشيخ علی الكورد واعتبرهم " ثلة قليلة تخدم مصالحها" ولم يضع في الحسبان خصوصية كوردستان شعبا وارضا وتأريخا وجغرافية، فكيف اذا حكمت "الكثرة الكاثرة " غدا واستحكمت اركانها من دون مواثيق وعهود بينها وبين الكورد مثلا..؟ إن اخشی ما اخشاه علی خطب الشيخ وامثاله من السادة الافاضل، هو ان هذه الجماهير التي تحضر هذه‌ الخطب الاستفزازية، ماتزال حديثة عهد بالوضع الجديد ولم تخرج بعد من عنق التصورات والاختناقات الاستبدادية بعد أن ثل الله عرش الطاغوت واذهب سلطانه، ومازالت تشم دخان البارود بفضل الارهاب ولم تنعم عيناها بنور الحرية لحد الآن، وتشحن بمثل هذه‌ الافكار البعيدة عن حداثة الحياة ولا اقول الديمقراطية ... أجل! إن أخشی ما أخشاه هو ان تتكون لدی هذه‌ الجماهير صورة قاتمة مأساوية ومخيفة ومفرقعة تجاه‌ الكورد، قد تصبح مهيأة لمقاتلتهم ومجاهدتهم و تكون يدها علی الزناد دائما، إنتظارا لفتوی من سماحته‌ لكون الكورد يرفضون الزواج بالاكراه.

كان الأولی بالسيد الصميدعي عدم إقحام هذه المفاهيم ولاغراض خاصة ومعروفة مسبقا، في القضايا الشرعية وتأصيلها بها، بردها وعدم الاعتراف بها، في وقت لا تعدو كونها امورا دنيوية واجتهادية محضة تخص شريحة او شرائح خاصة من الناس تری من مصلحتها وعلی حسب ظروفها هذا النهج اوذاك النظام... ياتری هل ترك الاسلام لنا نظاما خاصا في الحكم يجب ان لا نحيد عنه، لانه يمس العقيدة ومن المحكمات الثابتات، ام ترك لنا حرية الاختيار ؟ وهل كانت في عهد الرسول عليه السلام وزارات او ولايات، ام هي من المستحدثات في أيام سيدنا عمر وما بعده؟ هل حدود الدول خططتها السماء ولا يمسها إلا المطهرون، ام مذكورة في الاحاديث الشريفة ؟ هل المنظومة السابقة التي كانت تفرض دكتاتورية المركز في تعيين مدير ناحية او حقها في ازالة مدينة عن بكرة أبيها أو توطين الغرباء في أرض الآخرين وبمباركة الفتاوی كما في كركوك غصبا و قهرا واستهتارا بالقيم الانسانية ناهيكم عن الاسلامية، مذكورة في كتب الفقه‌؟... نحن لا نتكلم هنا عن المنظومة الاخلاقية والخطوط العامة التي امر بها الاسلام كالعدل والشوری وحفظ الدم وصون العرض وما إلی ذلك من القيم في الحكم، وهي معلومة من الدين بالضرورة، إنما نقصد المنظومة الادارية والسياسية وغيرها التي تدخل ضمن دائرة ( أنتم أعلم بامور دنياكم ).

حينما أرنو إلی مثل هذا التهافت الفكري والسياسي واتأمله، اكاد أقتنع بالرأي القائل انه كان الاجدر برجال الدستوروالقانون التريث والانتظار لعقد من الزمن علی الأقل قبل البت في طبيعة الحكم وشكل( العلاقة الكوردستانية ـ العراقية ) ريثما تتهيأ الظروف والاجواء النفسية للحوار وتبادل الأفكاروالاطلاع علی المفاهيم والمصطلحات والتسميات التي مازالت غير مفهومة من لدن الطرف العراقي بشكلها المرضي... ولا عيب ولا ضيرفي الاعتراف بقصور الفهم وقلة الوعي والمعلومات لدی أكثرية الشرائح غير الكوردستانية بشأن الفيدرالية او غيرها من المفردات الحضارية لغاية اليوم، وذلك نتيجة للاستبداد والدكتاتورية التي ترسخت في عمق البنية الفكرية والمعرفية منذ عقود في ظل حكم الطاغية الشبح، وأثرت بالتالي سلبا لا علی رأی العوام فحسب، بل حتی علی توجهات بعض علماء وسياسيي ومفكري وخطباء وفلاسفة بغداد..!

رد الصميدعي

رد الشيخ محمود الصميدعي على مقال الاستاذ محسن جوامير

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الكريم محسن جوامير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

من أخيكم الشيخ محمود الصميدعي خطيب جامع أم القرى ببغداد الحبيبة

مع التحية والتقدير :

أنا أشكر لكم مجموعة النصائح التي قدمتموها في مقالكم الكريم في /7/2005م ,وألمس من خلال كلماتكم صدق الأخوة والانتماء..وما ذلك إلا عتاب الأخ الذي تؤلمه كبوة أخيه – إن كنت قد فسرتها كبوة – وهي ليست كذلك.وكنت أتمنى عليك أن لا تفهم مثل هذا الخطاب فهما خاطئا فترتب عليه مقالا واسعا فيه الكثير من المشاكلات الأدبية..وأنت تعلم أن اليومين اللذين سبقا خطبة الجمعة آنذاك تعالت فيهما أصوات إخواننا من العرب في المطالبة بفدراليات لم يسبق لتاريخ العراق أن تكلم عنها.

فكان منهم من يريد بغداد والمحافظات التسع التي تقع جنوبها أن يكون إقليم لطائفة مذهبية من أهل العراق..وكان منهم من يريد المحافظات الثلاث الجنوبية أن تكون إقليما فيدراليا ينعم بما يدرّه نفط الجنوب من المال..وكان منهم من يطالب بأن تكون للبصرة دون غيرها حصة غنية من مردودات النفط, ويهدد الحكومة بأسبوعين و إلا ينفصل بالبصرة لوحدها كإقليم فيدرالي لوحده.

وما عنيته من قولي (أن الأصوات التي تتعالى بالفيدراليات هي ليست أصوات الأوفياء لهذا البلد ) هو ليس إشارة إلى المطالبة الكردية بفدرالية تتبع في منهجها لحكم البلد, وما عنيته بالثلة القليلة هو ليس إخواننا الكرد ولو سمحت لي أن أقول لك انك أسئت الفهم لهذا القول وذهبت بعيدا عن حقيقة ما أريد..إنما الثلة القليلة هم الذين يطالبون بفدراليات جنوبية وهم قلة من بين جموع إخواننا في الجنوب الذين يرفضون ذلك ويتطلعون إلى بلد موحد ..بلد ليس فيه طائفية ولا محاصصة.

أما بخصوص فدرالية إخواننا في شمال الوطن فإننا نقدر لهم وضعهم الخاص ولا مشكلة لنا مع هذه الفيدرالية مادامت لا تروم انفصالا تاما عن البلد..وما زالت تعتبر كركوك هي مدينة مشتركة بين العرب والأكراد والتركمان.

وجزاكم الله خيرا على ما قلمتموه ...

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته